ولما تضاءلتُ فوق الطريق
وغادرني الحلم، دون انطلاق
ولامستُ حدَّ الجنون..!
توهّمتُ في البحر، منفرجاً للتنفّس
منعرجاً للظنون..؟
أرى فيه، متسعاً لهمومي..
ومأوى هروبٍ، من الاختناق..
ولكنه البحر..!
لمَّا تمايهتُ فيه
استحال إلى شرنقة
تضيق.. تضيق..!
وافرزني دمعة محرقة..
على ملتقى صخرتين..
بقايا غريق..!
***
افتّشُ في دفتري
بين أرقامه الهاتفية
عن صور الأصدقاء..
عن الذكريات..؟
فتنتابني دهشة الفاجعة..
على من تشطّبَ
أو من تأبّط رعشته.. وتلاشى..!
وأشعر بالحزن حولي..
يضيق.. يضيق..
ويعصرني الوهم..
اصغر.. اصغر..
اسقط كالصرخة الهالعة..!
فوق وادٍ سحيق..!؟
لقد رحل الأهل، والأصدقاء..
وغابوا خفافاً
ولم يأذن الموتُ موعدهم للغياب
ولكنها خدعة، من سراب
فقد يلد الموت طفلاً، عصيّاً عليه
يمارس في لهوه، لعبة الحفر، والقطف..!
في زمن البذر.. والإنجذاب..
ويبدع معزوفة الإغتراب..
ويحذف من معجم السمع.. والعين
كل المعاني الحسان..
كمفردة للمناجاة...
تحمل وجه صديق..!؟
***
لقاء الوداع..
تمحور في منحنى لوداع اللقاء..!
ولم تبق للعاشقين دروب
تؤدي إلى خلوة للّقاء..!
إلى منفذٍ لشعاع..
فكل المواكب
كل المراكب..
تنداح في رهبة الصمت
تنصبُّ في زحمة التيه
في زفة الموت..
تنفضُّ بين المقابر
ترقب عودتها للمقابر
ترجع كالظل..
مهما تفرّع شكل الطريق..!؟
***
فما قيمةٌ لزمان..!؟
إذا كان دون مكان
وهل أن في قفص الطير..
أو سطوة الحكم
أو أي زنزانة داخل النفس
أو خارج الإحتراق
مجالاً لحلم طليق..!؟
***
وماذا سيجدي مكان
إذا كان دون زمن..؟
زمانٌ.. تيبّس في مطلع "الأحد" المرّ..
في رجعةِ "السبت"
في مصرع "الجمعة"...!؟
زمانٌ.. تراكضُ أيّامُه مسرعة
بلا قَدَمٍ.. إمّعة..!
ونحن الفرادى.. نعانق كل المِحنْ
بلا زمنٍ.. وبدون وطنْ..!
ودون رفيق..!؟
***
عبيدكِ.. عشنا
أيا.. نشرةَ الثامنة..
ويا خيبة للبلاد
أيا كوّةً في محاجرنا الداكنة..
فأنتِ الإمام..
وأنت المُصَلّى..!
ولا علم لي..
هل يكون العِبادُ..؟
أم الله، عنا تخلّى..؟
إلى أن قعدنا..
وحاصرنا اليتمُ
داخل هذا المضيق..!
***
عبيدكِ.. صرنا..
فصبّي علينا، مزيداً من الطّمْي والقهر
صُبّي على البرك الآسنة
وجودي -كما أنتِ في حالة السّكْر
بالبسمة الواهنة..
وبالطعنة الفاتنة..!
وصُبّي من الزيت ما شئتِ..
لن يتحوّل هذا الذي تحرقين..
إلى شعلة من حريق..
ولن يُنجب البحر
في صخرة الكهف..
أيَّ بريق..!
***
وفرسان هذا المناخ
همُ السلُّ.. والذلُّ.. والانسلاخ..!
ودوّامة المهزلة..
فمن يتنفّس من أنفه
سيُصبح جزءاً من المزبلة
ولا بدّ من حالةٍ للصراخ
زئيرٌ.. عميق..
صياحٌ.. نباح..
وإلاّ.. نهيق..!!
***
هي "العين"
عروتنا في النفاق..!
وعقدتهم.. في اشتداد الخناق..!
ومهوى خناجر أحقادهمْ..!
هنا .. في الجزائر.. أو في العراقِ..
هي "العين"!
إن طمسوها عمينا..
وإن تركوها -ولن يتركوها- فنينا..
ومهزلةٌ.. شائعات اللحاق..!
فلا عزّ.. في غزّةٍ..
ولا راحة في أريحا
ولا يُمْن في يَمَنٍ
تمزّقه صبوةٌ للفضيحة
فإن كان لا بد من قتلنا..
ونحن قعودٌ.. ونحن نسير..
على بطننا..!؟
وعينٌ.. بأحداقنا تنتحر
ونبض.. بأعراقنا يحتضر
فلا بدّ من حالة للصراخ
ولا بدّ من وجهة للنظر..
ولا بدّ من فكرة.. صدمة
كي نفيق..!
فقد تهزم "العين" هول الطريق
وقد يبعث "النبضُ" فينا
أحاسيس شعب رقيق
عتيق.. عريق..!؟