مثلما كان عام 2006 العام الذي يستحق بدون اي منازع لقب عام البطولات بعد ان حقق فيه الأهلي كل البطولات الممكنه واختتمه بتحقيق المركز الثالث في بطولة العالم للأندية التي اقيمت في اليابان .. كذلك عام 2008 يستحق وبدون اي منافسة لقب عام الازمات في الأهلي بعد ان دخل النادي خلال فترة زمنيه قصيره في العديد من الازمات المفتعله مع العديد من الاطراف وبشكل يدعو الى التعجب بشكل كبير للغاية.
والمتابع العادي للرياضة المصرية قد تختلط عليه الامور ليتخيل ان الأهلي قد تحول من كثرة البطولات التي تحققت في الفترة الماضية الى أخطبوط يحاول ان يبسط أذرعته في كل مكان من أجل ان يفرض سيطرته على الاخرين بفضل بطولاته وفائض ميزانيته واستقراره الداخلي الذي لم يتحقق لأي نادي مصري من قبل.
ولكن الغريب في الامر ان جميع الازمات والصراعات التي مرت على النادي الأهلي كان فرسان القلعة الحمراء دائما يقفون في موقف المدافع عن حقوق ناديهم ولم يحاول الأهلي في اي ازمة من الازمات ان يفتعل صراع او ان يبدأ المشكلة بل لقد لجأ الأهلي في كثيرا من الاحيان الى تغليب صوت العاطفة على صوت العقل من أجل مستقبل الكرة المصرية التي اجتمع ابنائها - بعد فشلهم في تحقيق اي نجاح يذكر- على اعاقة الناجح الوحيد في المنظومة الكروية المصريه من التقدم ومواصلة مسيرة الانجازات.
وعندما نراجع الازمات التي مرت على النادي الأهلي خلال الفترة الماضية ونحللها تحليلا دقيقا نجدا قاسما مشتركا أعظم في هذه الازمات وطرف خفي ليس له مصلحة سوى اشعال الازمه وسكب النار على البنزين من أجل استمرار اي مشكلة بحثا عن المزيد والمزيد من المكاسب ... فمثلما كان لتجار السلاح والموت أعوانا في كل انحاء الارض يزرعون بذور الموت والدمار والكراهية بين الجميع ليجني اسيادهم الاموال على اشلاء القتلى ورفات البشر.. نجد تجار الازمات في العصر الحالي يرمون بذور التعصب والكراهية هنا وهناك من أجل ان يكون لديهم الانفراد والسبق والتميز وقبل كل شيء الاعلان الضخم الذي يبحثون عنه لتمتلئ جيوبهم بالاموال والثروات على رفات الكرة المصرية.
المتابع الجيد لأزمات النادي الأهلي سيجد ان الفضائيات او ما يطلقون عليهم القنوات الفضائية الرياضية كانت دائما طرف غير معلن في تلك الازمات تقودها احيانا وتحركها وتأجج ذروة احداثها في معظم الاحيان ليصبح لديها دائما مادة دسمة تقدمها لمتفرج يبحث عن الجديد.
ودعونا نراجع معاً جميع الازمات التي مر بها النادي الأهلي في الفترة الماضية ونتعرف على دور الفضائيات الصفراء التي كان لها الدور الاكبر في اشعال الخلافات في المنظومة الكروية المصرية من أجل البحث عن ساعات بث طويلة تمتلئ بالاحداث المشتعلة.
أزمة الحارس الهارب
لاعب يترك ناديه في منتصف بطولة الدوري الممتاز ويهرب الى سويسرا من اجل الاحتراف في دوري فاشل كرويا وفي نادي يحتل ذيل القائمة في ذلك الدوري .. من المستحيل ان نجد في هذه المعطيات أي بوادر تدل على وجود أزمة ما .. وبالفعل استخدمت الفضائيات كل الوسائل من أجل الوقوف بجوار الحق المتمثل في موقف الأهلي من القضية ورفعت بعض الفضائيات راية الفضيلة برفض التحدث مع الحارس الهارب ومساندة الأهلي بكل الطرق الممكنه من اجل عودة اللاعب الى القاهرة وعودة حق الأهلي الضائع في اللاعب .. ولكن مع توالي الوقت والايام أكتشفت القنوات الفضائية ان مساندة الحق لن تكون هي البوابة المنتظرة الى ساعات بث اضافية في نفس الموضوع .. خاصة مع موقف إدارة الأهلي المحترم الرافض للكلام واطلاق التصريحات الرنانه التي تعجب اصحاب الفضائيات .. ادارة الأهلي التي تركت الامر بين يدي اتحاد كرة القدم والاتحاد الدولي لكرة القدم .. وفجأة بين ليلة وضحاها انقلبت الامور رأسا على عقب واصبح المتهم بريء والجاني هو من تعرض لضربة السكين في ظهرة .. وفوجئ الجميع بالفضائيات تقلب الحقيقة بشكل غير مبرر واصبحت معاملة الأهلي السيئة هي السبب في هروب الحارس الهارب .. وظهرت نغمة تقول ان مصلحة المنتخب فوق الجميع وتراجع اتحاد كرة القدم المصري عن موقفه في الدفاع عن احد الاندية المصرية التي تعرضت للخداع وخرج من السباق ليترك الأهلي وحيدا في مواجهة الازمة التي لو كان الاتحاد المصري قد ساند الأهلي فيها لاستطاع الأهلي اعادة الحارس الهارب الى صفوفه ... واشعلت الفضائيات الازمة وجعلتها بين الأهلي والمدير الفني لمنتخب مصر .. ووجدت الفضائيات ضالتها اخيرا في مساندة كل ما هو ضد الأهلي لتحقيق اكبر قدر من الانتشار ومتابعة جميع جماهير الأهلي التي تبحث عن عودة الحق وتحاول الاتصال وارسال الرسائل القصيره وتزيد الارباح في خزائن الفضائيات .. واصبح على الأهلي مواجهة الجميع .. "الحارس الهارب" و "النادي السويسري" و "اتحاد كرة القدم المصري" و "حملة اعلامية موجهة ضد ادارة النادي تلهث وراء الاثارة والاحداث الساخنة".. وبين هذا وذاك ضاعت الحقيقة المجردة وضاعت حقوق نادي مصري اصبح مازال متمسك في عودة حقه السليب ولكن من اتحاد لا ينتمي اليه ومن الاب الشرعي لكرة القدم في العالم .. واستمرت الفضائيات في زيادة ساعات البث الساخنه باستضافة كل من هب ودب ليهاجم القلعة الحمراء في موقفها المتمسك بعودة الحق مرة أخرى وان ينال كل شخص أخطئ عقابه الذي يستحقه.
أزمة حسني عبد ربه
لايوجد عربي يهتم بكرة القدم لا يعرف احداث ازمة حسني عبد ربه في الكرة المصرية وهي الازمة التي اشتعلت على مدار العام الكامل .. هذه الازمة كانت بمثابة الوليمة الشهية للفضائيات التي وجدت في الازمة أحداثا تستطيع ان تملئ أوقات البث الطويلة المملة وبالفعل كان تجار الكراهية و التعصب على قدر المسئولية وقامت الفضائيات بعرض مشاهد سينمائية التصوير لجماهير الاسماعيلي وهي تحمل كفن حسني عبد ربه وتهاجم منزله وتكسر وتحرق الاخضر واليابس في الاسماعيلية .. وتركت القنوات شاشتها لجماهير الاسماعيلي من أجل ان تبث كراهيتها ضد الأهلي على الهواء بدون رقيب او حسيب .. وبالطبع اكتملت الصورة بفتح مساحات البث على الهواء لمسئولي الاسماعيلي ولاعبوه السابقين من اجل ان نستمع اليهم وهم يأكدون دون اي مواربه ان الأهلي هو سبب خراب الكرة المصرية وانه لص لاعبين وانه لكي تقوم الكرة المصرية على قدميها يجب ان يغلق الأهلي ابوابه نهائيا .. والعجيب انك لا تجد في الازمة من يتحدث عن الوقائع الرئيسية في المشكلة او من يطرح حلا لإنهاء الموقف القائم .. بل تجد الجميع يهاجم الأهلي وبضراوة.. أملاً في ان يقوم الأهلي بالرد في اي فضائية وان يقوم مسئول من الأهلي بالحديث مع الفضائيات بعد ان يستفزه قلب الحقائق التي تحدث ليلا ونهارا في الفضائيات.. وتجاهل الجميع الحق الذي يملكه الأهلي في الازمة .. وتغاضت الفضائيات عن دخول مسئولي الاسماعيلي الى معسكر المنتخب في الاسكندرية اثناء الاستعداد لمباريات مصر في تصفيات كأس العالم.. وخرج نائب
أزمة هاني سعيد
في تلك الازمة كان الأهلي بعيدا كل البعد عن الحدث وعن الازمة ولكن اللاعب في معرض حديثه ذكر انه يرفض اللعب في الزمالك ويفضل ان يلعب في الأهلي لتنقلب الازمة الى نار مشتعلة وجد فيها مسئولي الفضائيات فرصة في اشعال الامور وادخال الأهلي طرفا في الازمة بدون اي سبب وانقلب موقف الجميع 180 درجة فمن كان يطالبون بإحترام رغبة اللاعب على حساب العقود واللوائح اصبحت العقود بالنسبة لهم هي الاهم وهي الملاذ الأخير من أجل حفظ حقوق الأندية "ما عدا الأهلي " في مواجهة مراوغة اللاعبين وفجأة اصبحت رغبة اللاعب التي كانوا يتعبدون في محرابها لا فائدة لها امام العقود والمواثيق الموقعة .. واصبح من كانوا يبحثون عن مصلحة منتخب مصر وعدم ايقاف اي لاعب دولي من اجل منتخب مصر يهددون ليبرو منتخب مصر الوحيد بالايقاف علناً من خلال البرامج ولمدة طويلة قد تقضي على مستقبله في حالة رفضه الانضمام لنادي الزمالك.. وضخ اللاعب في النهاية ولعب للزمالك خوفاً على مستقبله الكروي ورعبا من الحملة الاعلامية الموجهة ضده حتى لا يتم استبعاده من المنتخب مثلما حدث مع البعض الاخر.
أزمة سيد معوض
الغريب هنا ان الأهلي قام بكل المحاولات الممكنه من أجل ضم اللاعب الى صفوفه عن طريق الاسماعيلي وعلى الرغم من توقيع العقود مع رئيس النادي شخصيا الا ان الفضائيات استغلت الموضوع من اجل اشعال ازمة جديده بين القلعة الحمراء والدراويش وتكررت نفس الاحداث من نقل الغضب داخل مدينة الاسماعيلية الى استضافة من يهاجموا الأهلي لأنه يحاول دعم صفوفه .. وظهر مرة اخرى دعاة التعصب والكراهية ليترك الاسماعيلي اللاعب الى نادي تركي ويعود مرة اخرى الى الأهلي ليتم حرمانه من المشاركة مع المنتخب المصري بفرمان "شحاتي" لأنه رفض الانضمام الى الزمالك وفضل الأهلي عليه وهي من الازمات التي استطاعت الفضائيات فيها قلب الحقائق بشكل رائع
القشة التي قصمت ظهر البعير
كان انشاء قناة الأهلي الحلم الذي طالما راود الملايين من عشاق القلعة الحمراء منذ فترة ليست بالطويلة هذا الحلم الذي واجه المصاعب تلو المصاعب والمشاكل منذ بدايته خوفا على المنجم الذهبي الذي يفتح للجميع ابواب الملايين ويجعل القنوات الفضائية تستمر في الارباح وبشكل مستمر من أخبار ومباريات القلعة الحمراء وهو الامر الذي جعل مسئولي الفضائيات يتخلون عن حمرة الخجل وينزعون أخر أقنعة الحياء من أجل المحافظة على مصدر رزقهم التي اصبحت القناة في صدد تجفيفه وجعله يصل الى ادنى درجاته .. فالجميع يعرف ان مباريات الأهلي هي الكنز الذي يبحث عنه اي صاحب قناة لبثها مثلما يعرف كل إعلامي ان اي كلمة تكتب عن الأهلي سوف تجد من يقرأها .. لذلك كرست جميع الفضائيات كل الاسلحة المشروعة وغير المشروعة من اجل مهاجمة الأهلي وافتعال ازمة مع ادارته ووصل بالبعض الى استخدام الالفاظ غير اللائقة على اعضاء مجلس ادارة النادي الأهلي .. الاعضاء الذين يتمناهم اي نادي في مصر بشهادة انصار الاندية المنافسة قبل الأهلي .. لتشتعل الازمة الكبرى التي جند لها مسئولي الفضائيات الغالي والرخيص من أجل معركة الحياة والموت التي ستكون بالنسبة لهم المعركة الأخيرة في حالة فشلهم وعدم قدرتهم على كسب اي منفعة على حساب الأهلي.
الخلاصة
المتابع لجميع الازمات التي مر بها النادي الأهلي في عام 2008 ومع انتشار الفضائيات وتوحش مقدمي برامجها يكتشف انها مجرد تطور طبيعي لما كان يسمى في السابق الصحف الصفراء .. فمن يدرك التطور الطبيعي للاعلام في مصر يعرف ان انتشار الفضائيات الرياضية يشبه الى حدا كبير ما كان يحدث في السابق عندما انتشرت الصحف الرياضية بشكل كبير في نهاية التسعينيات واصبت كل جريدة تبحث عن الجديد لتقدمه من اجل زيادة التوزيع فظهرت الصحف الصفراء وجرائد الاثارة والتشويق بحثا عن التوزيع والمبيعات والاعلانات .. ومع ظهور القنوات الفضائية الرياضية كان الجميع لدية امل كبير في البحث عن الاخبار فيها لتكون مصدره السريع في الاخبار ولكن مع انتشارها تحولت الى فضائيات صفراء تبحث عن الاثارة والمتعة والتشويق من أجل ساعات اعلانية اطول حتى لو كان ذلك على حساب اخلاقيات الاعلام... وجميع الدلائل تشير الى ان الازمات ستتفاقم في المستقبل القريب ومايحدث للأهلي يحدث مثله للزمالك وسيطول جميع الاندية مادامت هناك قنوات تبحث عن الاثارة والتشويق من أجل ساعات بث أطول.